dimanche 13 décembre 2015

الجمعيات الخيرية ودروس التجربة التونسية إلى ما بعد الثورة


الجمعيات الخيرية ودروس التجربة التونسية إلى ما بعد الثورة
 


تقرير من إعداد:

السيّد أنيس الوهابي
الدكتور محمد أيمن بالأخضر
السيّدة انصاف الورتاني
السيّد خالد الدبابي
السيّدة اكرام الدريدي
الدكتور معز الجودي




Zone de Texte: الفهرس 
مقدمة………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………3
الفصل الأول. تحليل مقارن للجمعيّات عبر العالم……………………………………………………. ………………………………………………………4
القسم 1. في الاصول والخصائص الثقافية……………………………………………………….……………………………………………………………4
القسم 2 مجالات التدخّل…………………………………………………………….……………………………………………………………………………6
الفصل الثاني.  تاريخ الجمعيات الخيرية في تونس………………………………………………….……………………………………………………….7
القسم 1. الحماية والنّصوص الأولى المتعلقة بالجمعيات…………………………………………………………………………………………………….7
القسم 2.  من الاستقلال الى انهيار النظام القديم: القانون الاساسي المؤرخ في 7 نوفمبر 1959: إطار تضييقي…….………………….…………8
الفصل الثالث. إطار قانوني مطعم بالثورة ….……………………………………………………………………………………………………………….12
الفصل الرابع. اللبس الناجم عن نظام غير دقيق……………………………………………………………………………………………………………15
القسم 1.الخلط في الأنشطة…….…………………………………………..…………………………………………………………………………………15
القسم 2.إطار جبائي غير دقيق و غير ملائم…..…………………………..………………….……………………………………………………………17
القسم 3. إطار محاسبي منقوص وإعلام مالي غائب …..……………………………………………..…………………………… …………….……..18
الفصل الخامس. تداعيات النظام القانوني الليبرالي…………………………………………………………………………………………………………19
القسم 1. التداعيات القانونية……..………………………………………….……………………………………………………………………………….19
القسم 2. أمثلة……..………………………………………..…………………………………………………………………………………………………23
الفصل السادس. حوكمة الجمعيات الخيرية: توصيات الجمعية التونسية للحوكمة من أجل تحسين الإطار القانوني والتسييري…………………24
القسم 1. التنظيم القانوني والمراقبة العمومية……………………….…………………..……..…………………………………………………………24
القسم 2. تأطير الجمعيات وتدعيمها…..………………………………………………………………………………………..……………………………25
القسم 3. التنظيم الداخلي والرّقابة العمومية …………….... ……………………………………………………………………………….……………25
القسم 4. ضبط إطار محاسبي وجبائي ملائم……………………………………………………………………………………..…………………………26

مقدمة
إن الدارس للتاريخ ليكتشف أن مؤسسات الأعمال الخيرية ليست جديدة في تونس، فقد شهد الناس أشخاصا سخروا أموالهم من أجل ذلك على غرارالسيدة المنوبية (1180_1257) وعزيزة عثمانة (1606-1669).
وقد اتخذت الأعمال الخيرية في البداية أشكالا بدائية مثل "الزاوية" و "الحبس" قبل أن تنتظم في النسيج الجمعيات رسميا في النصف الثاني من القرن الـ 19.
في وقت لاحق و بعد قرنين من الزمن، بدأ النسيج الجمعياتي التونسي يعرف تحولا كبيرا مع ظهور ثورة 14 يناير، إذ كان المجتمع المدني المحرك الرئيسي ابانها وبعدها. وهو ما ترتب عليه تنقيح المنظومة القانونية المتعلقة بالجمعيات وفرض تشريع جديد اعتبره البعض "ثوريا" واعتبره البعض الاخر "فوضويا".
في الواقع، نلاحظ أن تنظيم الجمعيات، خاصة مع ظهور المرسوم  عدد 2011-88 المؤرخ في 24 سبتمبر 2011، شهد " طفرة نوعية من أجل تكريس مبادئ الحرية والمسؤولية...حيث أن الحرية التي يعلنها هذا المرسوم تتعدى مستوى إعلان المبادئ إلى تكريسها بصفة عملية بدءا بتيسير إجراءات تكوين الجمعيات، مرورا بتأكيد حرية الانضمام إليها، وصولا إلى فتح المجال واسعا لمؤسسيها وأعضائها لتحديد طرق تنظيمها وتسييرها دون تقييد.[1]
بعد ثلاث سنوات من هذا التغيير، تستدعي تبعات التشريع "الليبرالي" المستحدث  للتقييم على جميع المستويات: القانونية والاجتماعية الثقافية والاقتصادية.
دون ادعاء الشمولية في التحليل، فإننا نرمي، من خلال هذه الدراسة، إلى استحثاث دراسة التأثيرات على قطاع الجمعيات الخيرية في تونس، اعتمادا على دراسة مقارنة أولا (الفصل الأول) ثن في إطار مقاربة تاريخية (الفصل الثاني) وقانونية (الفصل الثالث) وتنظيمية (القسم 4). لنقوم بعد ذلك بإجراء تحليل تداعيات النظام القانوني الليبرالي (الفصل الخامس)، وهو ما يحملنا أخيرا إلى اقتراح مجموعة من التوصيات (الفصل السادس).
بذلك اعتمدنا في هذا العمل على منهجية مختلطة تجمع بين تحليل مقارن للنصوص القانونية التي تنظم الجمعيات في سياق وطني ودولي، وتقييم الممارسات الوظيفية والإدارية اعتمادا على دراسة حالات واقعية ثانيا.

إن مميزات القطاع الجمعياتي عبر العالم تختلف حسب كل سياق حيث أن الجمعيات تخضع إلى مؤثرات تاريخية وقانونية وثقافية وتتمحور المقارنة التي انجزناها حول الاصول والخصائص الثقافية للجمعيات حسب البلدان (القسم 1) وحسب مجالات التدخّل (القسم2).
تعود نشأة القطاع الثالث في أوروبا إلى العصر الوسيط حيث ظهرت شبكة من الجمعيات الخيرية والتربوية تحت اشراف الكنيسة الكاثوليكية في كامل البلدان الأوروبية[2].كما برزت جمعيات مهنية حركتها روح التضامن داخل المدن الأوروبية تحت تسميات مختلفة مثال الشركات والنقابات الخ. وقد استوجب الأمر انتظار قرن الأنوار لتظهر الحلقات السياسية والثقافية والمجموعات العلمية في اغلب بلدان اوروبا  وتم تجسيم الاعتراف النهائي بمنظمات الاقتصاد الاجتماعي عبر جملة من النصوص القانونية وخاصة منها الميثاق التعاوني الصادر سنة 1898 وبصفة اخص القانون الفرنسي لسنة 1901 المتعلق بالجمعيات الذي ما يزال ساري المفعول والذي مثل حجر الأساس لنشأة الإطار القانوني للجمعيات في تونس.
يرى فرايس  وكندال [3]انه في الوقت الذي تملك فيه بعض البلدان مثل فرنسا او المملكة المتحدة او ايطاليا تجمعات وطنية قادرة على ان تثير لدى السلطات العمومية مسائل سياسية تسمو فوق الرهانات القطاعية تقدم بلدان اخرى لدى السلطات العمومية انماط تصور تعبر عن رهانات أفقية ( القانون الأساسي، الجباية، التكوين، التمويلات) وذلك إما بسبب طريقة تنظيم المجتمع على أساس قطاعي (هولندا) وإما لكونها قائمة كثيرا على اللامركزية الجهوية او كانت أكثر حداثة بشكل لم يسمح لها بعدُ بظهور اختصاص جمعياتي في المسائل الأوروبية (اسبانيا).
فيما وراء المحيط كان نشوء الجمعيات مرتبطا بإطار ثقافي أخر مختلف، إذ ارتبطت الجمعيات هناك بالنظام الديمقراطي الامريكي منذ الاصول وينبغي ان نشير الى ان الجمعيات الامريكية هي في الغالب مقترنة بمذاهب دينية حاولت ان تواجه غياب الدولة ونقائصها من خلال تطبيق مقولة "مساعدة الذات" زمن غزو الغرب كل ذلك مع الاستلهام من التقاليد الفردية الطُّهريّة البروتستنتية.
تقوم الجمعيات و المؤسسات الخيرية في الولايات المتحدة حاليا بالوظائف التي يقوم بها القطاع العام في اوروبا في مجال الصحة او التعليم الجامعي على سبيل المثال  وفعلا فان اكثر من نصف المستشفيات في الولايات المتحدة تنتمي الى القطاع الخاص وليست ذات غاية ربحية وتمثل الصحة نسبة 46 بالمائة من القطاع غير الربحي وهذا ما يوضح الصبغة "التعاونية "لنظام التغطية الاجتماعية الامريكية. كما ان اشهر الجامعات الامريكية هي مؤسسات خيرية تتأتى ثلثا مداخيلها من الطلبة او عائلاتهم ومن عائدات الاوقاف بينما يمكن التمويل العمومي (ويمثل20بالمائة)وهبات الطلبة القدامى او بعض رعاتها المتطوعين(15 بالمائة) لعدد من الطلبة الممنوحين من الالتحاق بالدراسة فيها[4].
على نقيض النظام الاوروبي حيث يدل النظام الجمعياتي على وجود شراكة قوية مع الدولة والجماعات العمومية الجهوية فان الجمعيات في النموذج الانقلوسكسوني تعرض خدمات امّا تعوض او تكمل ما تقدمه الجماعات العمومية وتكون بالتالي استجابة لحاجيات السكان.
وعلى هذا الاساس ورغم وجود تقليد جمعياتي حديث النشأة واقل تجذرا مما هو موجود في البلدان الانقلوسكسونية فان هذا القطاع الجمعياتي يحتلّ اليوم في اوروبا مكانة كبيرة بفضل حيويته المدهشة التي شهدتها الاربعون سنة الماضية.
القسم 2 .  مجالات التدخّل
من زاوية النظر الاوروبية فان النسيج الجمعياتي الاميركي يعوّض الدولة الراعية بينما يكمّلها في اوروبا .ان القطاع الجمعياتي يمثل على ضفّتيْ المحيط الاطلسي قوّة اقتصادية واجتماعية كبرى وتمثل القطاعات التي تقدم خدمات علائقية وثقافية وتربوية وصحية واجتماعية مابين 80 و90 بالمائة من المجموع العامّ[5].
في دراسة أنجزتها جامعة جون هوبكنز(John Hopkins)  حول الجمعيات غير الربحية  في 13 بلدا [6]وجد الباحثون إن أنشطة الخدمات تهيمن  على الانشطة التعبيرية وتشمل              أنشطة الخدمات :المساعدة المنزلية والأنشطة ذات البعد الاجتماعي والتربية والصحة اما التعبيرية  فتشمل الانشطة الرياضية والثقافية والترفيهيّة.
في المعدّل تتدخل الجمعيات الأوروبية في أنشطة الخدمات بنسبة 71 بالمائة مقابل 23 بالمائة للأنشطة التعبيرية .
في الولايات المتحدة تقوم الجمعيات بوظائف هي في اغلبها من وظائف القطاع العام في اوروبا في مجال الصحة مثلا الذي يمثل وحده 46 بالمائة من القطاع غير الربحي الاميركي  حيث تمثل المستشفيات العمومية أقلية عندهم  بينما أكثر من نصف المستشفيات خاصة وليست لها غاية ربحية. كما ان اشهر الجامعات الامريكية هي في الاصل مؤسسات خيرية دينية أصبحت لائكيّة علمانية بعد ذلك مثل هارفارد وبرنستون وييل  وستنفورد وجون هوبكنزعلي سبيل المثال، مع ما تلعبه هذه الجامعات من دور في تكوين النخب. في حين ان اغلبية قطاع التعليم العالي في أوروبا هي مؤسسات عمومية .[7]

الفصل الثاني.  تاريخ الجمعيات الخيرية في تونس
لقد مرّ تطور   الإطار القانوني  المنظم للجمعيات بمرحلتين أساسيتين :الإجراءات الأولى  التي عرفت النور أثناء فترة انتصاب  الحماية  (1.2) القانون الأساسي الصادر في 7 نوفمبر1959،الذي تميّز بمنطقه المقيّد(ا2.2) قبل المرور إلى النظام القانوني الحالي والذي أنتجه مرسوم 24 سبتمبر2011 المصادق عليه في بداية المرحلة الانتقالية اللاحقة للثورة التونسية.
القسم 1. الحماية والنّصوص الأولى المتعلقة بالجمعيات
 إثر إمضاء معاهدة باردو في 1881 بقليل كان من أوائل مشاريع الحماية وضع إطار ينظم سير الجمعيات، ولم يكن هذا الإطار سوى نقل للإطار المنظم للجمعيات في فرنسا مع تكييفه ليُلائم الخصوصيات المحلّيّة.
وعلى هذا الأساس كانت النصّوص التّشريعية الأولى التي ضبطت سير الجمعيات التونسية هي: الأمر العليّ حول الجمعيات المؤرخ في 15 سبتمبر 1888 وهو يتضمّن بعضا من القانون الجنائي الفرنسي الصّادر سنة 1810. ثم الأمر العليّ الصادر سنة 1936 الذي كان بدوره نقلا حرفيا لمقتضيات القانون الفرنسي المنظّم للجمعيات الصادر سنة 1901[8].
ولم تنفكّ الإجراءات التي ضبطت سير الجمعيات خلال هذه الفترة تضيّق من حريّة الجمعيات وأنشطتها: لنذكر على سبيل المثال:
- الأمر العليّ المؤرّخ في 13 مارس 1905 حول الاجتماعات العامة الذي يخضع ما كان منها سياسيا أودينيا لترخيص إداري مسبق.
- الأمر العليّ الصادر في 30 أكتوبر 1937 الذي ًيخضع الجمعيات التي   تتمتع بتمويل عمومي إلى رقابة الدولة"[9].
- الأمر العليّ المؤرخ في 20 نوفمبر 1941 والّذي ينصّ على حلّ الجمعيات التي "يثبت أن هدفها الحقيقي ونشاطها وتصرّفاتها تتعارض والمصلحة العامة للبلاد"[10].
القسم 2.  من الاستقلال الى انهيار النظام القديم: القانون الاساسي المؤرخ في 7 نوفمبر 1959 :إطار تضييقيّ
كان إعلان الاستقلال بادرة أمل في انشاء مجتمع مدني متحرر من قيود الاضطهاد، إلا أن التجربة أثبتت انّ الحكومات المتعاقبة لتونس المستقلة قد اختارت بدورها تعطيل نشاط المجتمع المدني  وخاصة منه نشاط الجمعيات التي تمارس نقدا للنظام القائم ، وقد تمّ ذلك باستعمال الوسائل القانونية المتوفرة قصد تحييدها وإخضاعها لمشيئتها.
إن التقييد المُمنهج للمجتمع المدنيّ الذي نتج عن هذه السياسة كان قد وضع منذ السنوات الاولى التي تلت استقلال البلاد وهي انعكاس لسياسة الحد من الحريات التي اتبعها النظام .وقد وجد المجتمع المدني الناشئ نفسه مجردا من طاقاته الخلاقة والتنظيمية  وهذا ما سيضمن خضوعه للنظام القائم . وبعد ان اثبت هذا الانموذج جدواه طيلة ثلاثة عقود فتح الباب امام سياسة ماكرة انتهجها نظام ما بعد بورقيبة الذي وضع آليّة تشريعية تسمح منع تكوّن مجتمع مدنيّ خالص  وذلك بالسعي إلى التسرّب داخله وإخضاعه وجعله مجرّد صدى للنظام .
كل ذلك رغم ان دستور الجمهورية الناشئة الذي تم اقراره يوم 1 جوان 1957 ينص في فصله الثامن على انّ :"حرية الفكر و التعبير والصحافة والنشر والاجتماع وتأسيس الجمعيات مضمونة وتمارس حسب ما يضبطه القانون". أمّا في الواقع، فقد اختلف الأمر، إذ كان هذا الإجراء يضمن نظريا حرية انشاء جمعيات بينما ترك سلطة تقديرها بين أيدي نظام تشريعي ضعيف [11]خاضع لسلطة تنفيذية تزداد هيمنة يوما بعد يوم .
إنّ الفصل 32 من الدستور الذي ينصّ على ّانّ "المعاهدات المصادق عليها أقوى نفوذا من القوانين" لم يتمكن فعليا من حماية الجمعيات حماية فعّالة ،ذلك ان الحكومات التي تعاقبت على مدى خمسين عاما من السلطة لم تف بتعهّداتها العالميّة  وكثيرا ما اتخذت اجراءات تتعارض مع هذه المعاهدات  وخاصة منها المعاهدات الأممية المتعلقة بالحقوق المدنية والسياسية[12]. من جهة أخرى فإنّ المحاكم التونسية كانت ترفض آليّا مراقبة ملائمة القوانين  لهذه المعاهدات بحجّة ان دورها ينحصر في تطبيق النصوص القانونيّة .
إنّ تعطيل نشوء مجتمع مدني مستقل وفي خدمة المواطن كان يستمدّ أصوله من ترسانة قانونية تقييدية بل ربما كانت قمعيّة مؤسّسة على القانون عدد59-154 المتعلّق بالجمعيات  والذي يعمد في ذات الوقت الى اقامة العراقيل عند التأسيس ثم مضاعفة القيود عند النشاط مثل تحديد حرية انشاء الجمعيات ومراقبة الانخراط فيها وتقييد أنشطتها .
لمّا كان إنشاء الجمعيّات خاضعا لنظام الحصول على تأشيرة من وزارة الدّاخليّة فقد صار واقعا وقانونا  موضوعا تحت مراقبة السلطات التي تتمتّع "بالحقّ المطلق في منح التأشيرة أو رفضها"[13]دون وجود إمكانية للجوء إلى القضاء .كان تسليم التأشيرة يعني الاعتراف الشرعي بالجمعية  كما ان نشر قانونها الاساسي بالرائد الرسمي يعطيها الحق في الوجود القانونيّ الضّروريّ لممارسة نشاطها .لكن تحديد مدة الانتظار بأربعة أشهر من تاريخ ايداع التصريح والتي يعني تجاوزها رفض التأشيرة كانت طريقة إضافية للتضييق على كل نزعة مواطنيّة استقلاليّة[14]. وقد بدا هذا التشريع مقيّدا جدا في مستوى انشاء الجمعيات الاجنبية  خاصّة "مهما كانت صيغتها " التي يمكن أن تتخفّى وراءها"[15]، أو الجمعيّات التي يديرها أجانب.
و إذا كان النّظام السياسي الجديد المنتصب يوم 7 نوفمبر 1987 قد عمد الى تخفيف بسيط لشروط الحصول على تأشيرة فإنّه لم يبطل العمل بها [16] وفي المقابل فانه ادخل جملة من الضوابط شبه الخفيّة في مستوى سير عمل الجمعيات بهدف غير مُعلَن وهو السّيطرة الكلية على المجتمع المدني ، ويمكن أن نذكر على سبيل المثال فرض أنموذج موحّد مقيّد للنظام الأساسيّ للجمعيّات.
وبالفعل فإنّ أعضاء الجمعيات ومسيّريها يمكن أن  يتعرّضوا للتتبّعات العدلية ولعقوبة بالسجن قد تصل إلى ستّة أشهر [17]في صورة مخالفة الإجراءات القانونية المعمول بها[18].
 اما السلطة التقديرية لوزارة الداخلية المتعلّقة بالحل الوقتي للجمعية او ايقافها عن  النّشاط حتى قبل أن يصرح الجهاز القضائي بالحكم فقد بقيت قائمة الذات .و تنضاف إلى هذا الجهاز القمعيّ القائم جملة من الاعتبارات التنظيمية الخاصة  مثل ما أرساه القانون الاساسي  92-25 المؤرخ في 2 أفريل 1992 من تصنيف رسمي للجمعيات يحمل دلالات غامضة وغير عمليّة وخاصة عندما فرض على الجمعيات المسماة "ذات الصّبغة العامّة" واجب قبول انخراط كل شخص راغب في ذلك ان عبر عن التزامه بالمبادئ المؤسسة للجمعية  والتعرض إلى التّتبعات العدلية في صورة مخالفة هذا .
كان علي العمل الجمعياتي أن يأخذ إذن احدى هاته الأصناف القانونية:
-         الجمعيات النسائية، -
-         الجمعيات الرياضية،
-         الجمعيات العلمية،
-         الجمعيات الثقافية والفنية،
-         من الجمعيات الخيرية والإغاثة والاجتماعية،
-         جمعيات التنمية،
-         الجمعيات الودية
-         الجمعيات العامة.
لقد أباح هذا القانون الذي اعطى لنفسه مفعولا رجعيا ولأول مرة إن يطرد من داخل هياكل ادارة الجمعيات كل الاشخاص الذين لهم وظائف او يتحملون مسؤوليات داخل الهياكل المركزية المسيّرة للأحزاب السياسية [19].وقد رأى الجميع ،عن حقّ، في هذا القانون سعيا الى التسرب الى داخل الجمعيات بل وحتى الاستحواذ عليها من قبل السلطة ومنع كلّ تنظّم على هامش الحياة السياسية يمكن ان يشكّل تهديدا للنظام القائم.
الفصل الثالث: إطار قانوني مطعم بالثورة
إن الانتقال الديموقراطي الذي انطلق مع مطلع سنة2011 قد أحدث تغيرا جذريا وذلك بسن قانون من المفروض ان يتيح للمجتمع المدني الفضاء الضروري للنشاط وبالفعل فقد عكس إصدار المرسوم 88-2011 المؤرخ في 24 سبتمبر 2011 المتعلق بتنظيم الجمعيات تغييرا سياسيا جذريا وجسم طموحات مجتمع مدني حقيقي.
لقد ضبط هذا النص الجديد لنفسه هدفا يتمثل في تحرير النشاط الجمعياتي ووضع جملة من الضمانات التي تمكن الجمعيات من اداء مهمتها في أفضل الظروف فالفصل الأول يضمن "حرية تأسيس الجمعيات والانضمام إليها والنشاط في إطارها "كما يلتزم "بتدعيم دور منظمات المجتمع المدني وتطويرها والحفاظ على استقلاليتها".
وبتعويض وزارة الداخلية بالكتابة العامة للحكومة في مجال تعيين السلطة المسؤولة عن إنشاء الجمعيات  وجّه القانون الجديد رسالة دالة على القطع مع الأساليب القسرية لإنشاء الجمعيات، وللتقدم بثبات في هذا الاتجاه حذف القانون الجديد وجوبية الحصول على تأشيرة وبالتالي مدة الانتظار المتعلقة بها، وذلك بإرساء مبدأ التصريح باعتباره أساس وجود الجمعية [20]. اما النشر بالرائد الرسمي الذي يمثل علامة الوجود القانوني للجمعية فقد اصبح يتم خلال الاسبوع الموالي للحصول على الاعلام بتسلم طلب تكوين الجمعية[21].أمّا في مستوى سير عملها فانه لم يعد تصنيف الجمعية مطلوبا كما لم يعد من الواجب تحديد المجال الذي ستنشط فيه ، ويعود تحديد شروط انخراط الاعضاء الى الجمعية دون سواها .وإذا كان القانون الجديد قد ابقى على استبعاد كل المسؤولين السياسيين من الهيئات المديرة للجمعيات فقد سمح للأجانب المقيمين بممارسة النشاط الجمعياتي بالعضويّة والتأسيس.
من جهة اخرى ألغى القانون الجديد اتخاذ كل عقوبة جنائية وإدارية ضد أعضاء الجمعية في صورة عدم الالتزام بالإجراءات التنظيمية .وفي هذه الحالة الاخيرة يمكن للجمعية إن تواصل نشاطها إلى أن يأذن القضاء عليها ذلك بموجب حكم صادر في الغرض. وعلى عكس القانون السابق الذي لا يضبط اي معيار في التصرف المحاسبيّ للجمعية نصّ القانون الجديد على اعتماد معايير محاسبية خاصة وضرورة تعيين مراقب حسابات في صورة تجاوز الميزانية السنوية للجمعية مائة ألف دينار[22].
ورغم بعض الاحترازات التي أبدتها الجمعيات في مجال الانسجام التنظيمي وتطبيقه العملي فان القانون الجديد يمثل خطوة هامة في اتجاه سير العمل الملائم للجمعيات ،فبفضل الدفع الذي قدّمه للمجتمع المدنيّ وفّر القانون الجديد الظروف الملائمة لتعاون أفضل بين الجمعيات و الهياكل الحكومية  وهذا هو الامر الذي كان مهملا قبل صدوره.
انّ هذا النظام القانوني الجديد المتعلق بالجمعيات قد ادخل التغييرات التالية:
-         كان بعث جمعيّة يتطلب ترخيصا مسبقا تسلمه السلطات فجاء القانون الجديد ليقتصر على نظام التصريح الموجّه الى الكاتب العامّ للحكومة .
-         بعد ان كانت المسائل المتصلة بالجمعيات وخاصة منها ما تعلق بالانشاء والنشاط من مشمولات وزارة الداخليّة حُوّلت الصلاحية الى رئاسة الحكومة.
-         بعد ان كانت الجمعيات في العهد السابق مصنفة بحسب مجال نشاطها (نسائية رياضية خيرية إسعاف اجتماعية علمية ودادية ثقافية وفنية تنموية ذات طابع عام ) أُلغي العمل بهذا التصنيف بمقتضى المرسوم الجديد.
-         بعد أن كانت الجمعيات ملزمة بإتباع أنموذج للقانون الأساسي موحد بين كل الجمعيات تفرضه السلطة العمومية اصبح لكل جمعية الحق في تحرير قانونها الاساسي بكل حرية بمقتضى القانون الجديد.
-         بعد ان كان يمنع على الجمعيات ممارسة انشطة ذات طبيعة سياسية اصبحت حرة في تقييم عمل الدولة والتعبير عن ارائها بما في ذلك السياسية منها .
-         بعد ان كان يمنع على الجمعيات قبول الهدايا إلا في حالات محدودة اصبح بمستطاعها بكل حرية قبول التمويلات والهبات بالوصيّة.
-         بعد ان كان يمنع على الجمعيات التمتع بمساعدات مالية متأتية من منظمات أجنبية إلا بالموافقة المسبقة من الحكومة أصبح بإمكانها الحصول على المساعدات الاجنبية دون ترخيص.
لكن في مقابل هذه الحقوق والحريات وضع القانون الجديد على كاهل الجمعيات التونسية بعض الواجبات وخاصة منها الادارية والمحاسبية وعمل على تنمية مبدأ الشفافية سواء داخلها أو في علاقاتها بالأطراف الأخرى.
بعد اكثر من سنتين بقليل من نشر هذا المرسوم عدد 88_2011 تمّ تكميله بقرار رقم 2013-5183 مؤرّخ في 18 نوفمبر 2013 يضبط مقاييس وإجراءات وشروط إسناد التمويل العمومي للجمعيات   ويدقق الطرائق العملية لدعم الدولة لأعمال المجتمع المدني[23].وينص القانون بصفة خاصة على ان التمويل العمومي للجمعيات يسند اليها اما لتعزيز انشطتها وتطوير وسائل عملها  وذلك بعد مطالب تقدمها الجمعيات مباشرة وإما لإنجاز مشاريع ذات مصلحة عامة وذلك بعد نشر طلب ترشحات أو عروض تنشره الإدارة العمومية المعنية وإما تبعا لاتفاق شراكة بمبادرة من الجمعية [24]. كما يضبط المنشور في نفس الوقت كيفية مراقبة التمويل ومتابعته .
 الفصل الرابع. اللبس الناجم عن نظام غير دقيق
تعرف المؤسسة الخيرية بصفة عامة على أنها منظمة غير ربحية تهدف إلى تقديم الإغاثة والمساعدة لذوي الحاجة. إلا أن التعريف القانوني لها يختلف من بلد إلى آخر، حيث تعتمد بعض التشاريع على تعريفات محددة للعمل الخيري والجمعيات التي تعنى به بينما تترك تشاريع أخرى الحرية للجمعيات نفسها في أن تعلن طبيعتها الخيرية.
لا يوجد في النظام التونسي المتعلق الجمعيات تعريف واضح للنشاط الخيري، لا في النصوص التنظيمية (4.1) و لا في قوانين الجبائية (4.2) ولا المحاسبية (4.3).
القسم 1.نصوص تنظيمية تؤدي إلى خلط في الأنشطة
بالإضافة إلى تبسيط عملية إنشاء الجمعية، اتسم النظام الجديد الذي عرضه المرسوم  2011-88 بإلغاء تصنيف الجمعيات. وبالتالي كان للجمعيات مجال واسع من المرونة لتحديد نطاق أنشطتها بكل حرية.
بذلك لم يفرض التشريع الجديد على الجمعيات أي تحديد في أنشطتها طالما أنها تتوافق مع المبادئ التالية:
مبادئ سيادة القانون والديمقراطية والتعددية والشفافية والمساواة وحقوق الإنسان، والتي وضعتها الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها تونس.
- الامتناع عن أي تحريض على العنف والكراهية و التعصب أو التمييز الديني أو الجنسي أو الإقليمي.
- لا يمكن القيام بأعمال تجارية تهدف إلى توزيع الأرباح بين أعضائها أو لاستخدام الجمعية لأغراض التهرب من دفع الضرائب.
- يجب على الجمعية أن توفر الدعم المالي للأحزاب السياسية أو المرشحين المستقلين في الانتخابات الوطنية والإقليمية وليس لها جمع الأموال لهذه الأغراض.
هذا النظام، الذي لا يفرق بين الجمعيات فيما يتعلق بأنشطتها، يثير النقاط التالية:
- هذا النظام يسمح بخلق الجمعيات "متعددة التخصصات" التي تجمع بين الأنشطة الخيرية وغيرها من الأنشطة الأخرى، التي يمكن أن تكون رياضية أوثقافية أوعلمية، أو حتى الأنشطة ذات البعد السياسي.
- لا يسمح هذا النظام بتصنيف الجمعيات على أساس أنشطتها، بسبب امكانية ممارسة أكثر من نشاط واحد.
وهكذا الحال في جمعيات مثل الجمعية التونسية للضفتين "فرع تونس"، التي يهدف نشاطها إلى "رفع مستوى الطبقة الفقيرة لتكون قادرة على إنتاج والاستثمار، دعم الطبقة المعوزة وتتبع التبرعات من الداخل ومن الخارج. متابعة الروابط بين التونسيين في الخارج والداخل".
أومثلا رابطة الموظفين والعمال من المعهد العالي للدراسات التطبيقية في الإنسانيات بسبيطلة التي نراها تمارس في نفس الوقت " - تنظيم أنشطة ثقافية وترفيهية لفائدة مشتركيها. - المساعدة الاجتماعية في المناسبات الخاصة لفائدة المشتركين. - تكريم الأشخاص المعنيين وأبنائهم في المناسبات الخاصة. - توفير تذاكر أكل للمشتركين".

القسم 2. إطار جبائي غير دقيق و غير ملائم
من بين خصوصيات الجمعيات عدم وجود نظام جبائي خاصّ بها حيث يخضع النظام الجبائي التونسي المؤسسات إلى اغلب الواجبات الجبائية المفروضة على كل دافعي الضرائب. الجمعيات إذن خاضعة للتسجيل الجبائي وآلية الخصم من المورد وإيداع التصاريح الشهرية بعنوان ضرائب وأداءات مختلفة مثل الأداء على القيمة المضافة والأداء بعنوان المساهمة في تحسين المساكن الاجتماعية والأداء على العقارات المبنية وغير المبنيّة.
وعلاوة على ذلك، يشكو النظام الجبائي التونسي الخاص بالجمعيات من عدم الاستقرار، خاصة في السنوات الأخيرة. ومن الأمثلة على ذلك التغييرات المتعاقبة التي جاءت بها قوانين المالية لسنوات 2012 و 2013 حول تعديل نظام الأداء على القيمة المضافة الخاص بالجمعيات، فضلا عن التغيرات المحدثة لنظام طرح المنح والإعانات المخصصة للجمعيات.
أما بالنسبة للحوافز الضريبية الممنوحة للنشاط الخيري، فالتشريع الضريبي التونسي يقتضي خصم التبرعات التي يقدمها الأفراد الخاضعون لضريبة الدخل والشركات الخاضعة لضريبة الشركات الممنوحة للجمعيات الخيرية ، أوالتكوينية، أوالعلمية أو الاجتماعية أو الثقافية، في حدود 2 ‰ من ضريبة المبيعات. إلا أن هذا الإجراء يبقى للأسف منقوصا من تحديد قانوني لمصطلح "الأنشطة الخيرية" .
القسم 3. إطار محاسبي منقوص وإفصاح مالي غائب
من 1959 إلى 2011 كانت الجمعيات خاضعة الى نظام محاسبة الخزينة ويتميز بمتابعة المقابيض و المصاريف بصرف النظر عن التعهدات.  ومع صدور المرسوم 2011-88 فقد اصبحت الجمعيات خاضعة لمحاسبة القيد المزدوج المسماة ايضا  محاسبة التعهد [25] التي ينبغي أن تكون اساس المتابعة وتقديم الحسابات والإفصاح عنها ومراقبتها.
إلا أن التأخير الحاصل في نشر معايير المحاسبة الخاصة بالجمعيات كما ضبطها المرسوم كان بداية الفوضى بل وحتى التهرّب من احترام الواجبات المحاسبية ، فقليلة هي الجمعيات التي اتبعت نظام محاسبة مناسبا  اما البقية فقد واصل بعضها تطبيق قواعد محاسبة الخزينة لم يمسك البعض الآخر محاسبة أصلا .
بالإضافة إلى ذلك، حرص المرسوم على تكريس مبادئ الشفافية المالية فأوجب على الجمعيات نشر حساباتها السنوية ونشر تقرير مراقب الحسابات [26] على أعمدة إحدى الصحف وكذلك على الموقع الالكتروني للجمعية ان وجد. إلا أن تطبيق هذا الإجراء على أرض الواقع كان دون المأمول، حيث لم يتجاوز عدد الجمعيات التي التزمت بالإجراء  العشر جمعيات من ضمن ما يزيد على ست عشرة الف جمعية  وهذا ما دفع هيئة الخبراء المحاسبين بالبلاد التونسية الى دقّ ناقوس الخطر للتّنبيه الى هذه الوضعية التي تمس أبسط مبادئ الإفصاح المالي في القطاع الجمعياتي[27].
امّا بالنسبة الى الهبات المتحصل عليها من الخارج فان التنظيم الجاري به العمل يوجب على الجمعيات المنتفعة نشر مصادر تمويلها الأجنبي وإعلام الكتابة العامة للحكومة بذلك[28]. لكن المقارنة بين ما تنشره الجمعيات المستفيدة وما ينشره المانحون تثبت وجود نقص واضح في الشفافيّة.
ومن جهة اخرى فان احترام واجب اعلام دائرة المحاسبات بالتمويلات العمومية قد انحصر في حوالي خمسمائة حالة إلى نهاية شهر أوت 2014  [29].

5 الفصل الخامس. تداعيات النظام القانوني الليبرالي
إن المرور مباشرة من نظام مغلق إلى نظام ليبرالي أنتج تداعيات على المستوى التطبيقي وذلك من الناحية القانونية (1.5) ومن الناحية العملية (2.5).
 القسم 1. التداعيات القانونية
ان الحرية الممنوحة لمؤسسي الجمعيات في باب صياغة القوانين الأساسية بأنفسهم تصطدم غالبا بعدم قدرتهم من الناحية الفنية على تحرير مثل هذه النصوص لقصور في الثقافة القانونية أو لنقص في الممارسة والتصور.
إن إدارة الجمعيات الملحقة بالإدارة العامة للجمعيات والأحزاب السياسية صلب رئاسة الحكومة تشهد توافد مؤسسي جمعيات يطلبون المساعدة في تحرير هذه الوثيقة .كما تعمد الادارة بدورها الى استدعاء عدد كبير من مسؤولي الجمعيات بسبب عدم دقة قوانينها أو نقصها أو عدم ملائمتها لحسن سير الجمعية ،وهي تخصص الان نصف يوم مرتين في الاسبوع لهذا الغرض رغم ان ذلك ليس من مشمولاتها الرسمية ودون أن تتوفر لديها بالخصوص الموارد البشرية والمادية التي تمكنها من انجاز هذا العمل في أحسن الظروف أما اليوم فقد خصصت لهذه المهمة فريقا مكونا من عشرة أشخاص لمتابعة إجراءات تكوين الجمعيات.
تشتكي منظومة تأسيس الجمعيات من عديد النقائص. اوّلا، إن نقل الصلاحيات من وزارة الداخلية الى رئاسة الحكومة التي ليس لها إلا مقر وحيد بتونس العاصمة كان له اثر سلبي يتمثل في حرمان الجمعيات من امكانية التكون على المستوى المحلي أو الجهوي.
إن مثل هذا التغيير قد مثل عمليا وبصفة نسبية مسا او على الاقل حدا من حرية التنظيم  كما خلق تفاوتا بين الجمعيات الموجودة بالعاصمة وتلك التي تنشط داخل باقي تراب الجمهورية.
ثم ان عملية مراقبة الوثائق المطلوبة  قانونا عن طريق عدل منفذ  قبل ارسال ملف التصريح الى رئاسة الحكومة ليست إلا مراقبة شكلية  ينقصها العمق ولا تفرض على العدل  وذاك بالفعل ليس دوره  قراءة القوانين الاساسية والكشف عما يمكن ان يكون فيها من اخطاء  وفي هذا فان تدخل عدل التنفيذ او محام مكلف بدراسة ملف تكوين الجمعية بعمق يمكن ان يكون في نفس الوقت نافعا ومناسبا.
من جهة اخرى فان اجل الثلاثين يوما بداية من يوم إيداع الإعلام بتكوين جمعية[30]  والتي يعتبر الجمعية بانقضائها قائمة الذات تبدو قصيرة جدا باعتبار عدد الملفات وحجم العمل الموكول الى ادارة الجمعيات في مستوى التثبت في المراسلات الموجّهة الى مؤسسي الجمعيات قصد تصويب الاخطاء المحتملة  فهذه الوضعية تسمح لجمعيات لا تستجيب قوانينها لمقتضيات القانون بالتكون بكل شرعية وذلك بسبب قصر المهلة الممنوحة للسلطات حتى يتسنى لها دراسة الوثائق بتعمق.
في نفس الاتجاه فان نشر الاعلام بالتكوين على صفحات الرائد الرسمي الموكول الى  الجمعية  وفي غياب التنسيق بين مصالح ادارة الجمعيات ومصالح الرائد الرسمي يمكن لبعض المؤسسين ممن ليست لهم نية حسنة إن ينشروا الإعلام بالإنشاء لجمعية اعترضت رئاسة الحكومة على تكوينها بسبب عدم استجابة ملفها لمقتضيات نص القانون 88-2011
كما يطرح الفصل 12 من المرسوم صعوبة قانونية هامة فهو ينصّ على ان الجمعية تعتبر مكونة قانونا من يوم إرسال المكتوب إلى الكاتب العام للحكومة عن طريق رسالة مضمونة الوصول مع اعلام بالتسلم . وإذا كان هذا الإجراء يدخل ضمن إرادة دعم حرية التنظّم فانه من ناحية اخرى يضعف هذا الحقّ وذلك بان جعل جملة من النتائج القانونية تنجر عن هذا التكوين وهي نتائج من حيث المبدأ لا يعترف بها إلا للجمعيات التي تتمتع بالشخصية القانونية :حق التقاضي  والاكتساب و الملكية  والتصرف في مواردها وممتلكاتها  وحق قبول المساعدات والتبرعات والهبات والوصايا زان هذا يعتبر خطا في المستوى النظري للحقوق  وخطرا على مستوى التطبيق يهدد منظمات المجتمع المدني  ومن يتعامل معها في نفس الوقت . وقد اثبتت هذه الاجراءات محدوديتها بما ان ابسط انواع النشاط التي تمارسها الجمعية ( مثل فتح حساب بنكيّ،امضاء الاتفاقيات،تسجيل العقود لدي البلديات،التصريح بالاداءات،الخ)كلها خاضعة لضرورة  نشر انشاء الجمعية  بالرائد الرسميّ.
من جهة اخرى اذا كان اشتراط بلوغ سن 16 كحدّ ادني لتأسيس جمعية أو تسييرها [31]من شانه أن يدرب الشباب على تحمل المسؤولية في الحقل العام فانه لا يطبق دون صعوبات لا من ناحية المسؤولية المدنية و الجزائية فقط ولكن خاصة من حيث القدرة على الوفاء بالدين لمسيري الجمعيات الشبان  وينطبق نفس الامر على الاجراء الذي ينص على سن الثالثة عشرة باعتبارها الحد  الادنى المطلوب للعضوية في الجمعيات[32]. والواقع ان الدراسات  المقارنة تثبت انه لا توجد قاعدة ثابتة في هذا المجال ،ففي فنلندا ضبط العمر الأدنى لتسيير جمعية ب15 سنة وهو في فرنسا محدد ب16 سنة مع اشتراط ترخيص من الوالدين أو الوصي  وب18 عاما في بلغاريا .
إن التعلّق بحرية التنظم قد أدى أيضا إلى الاكتفاء بموافقة شخصين لتكوين جمعية  والحال ان الجمعية اذا لم يكن فيها امين مال كفء ستواجه صعوبات كبيرة في الوفاء بالتزاماتها  وخاصة منها ما يتعلق بالمحاسبة و الاداءات .ولعله من المفيد في هذا الاتجاه ان يطلب من الجمعية التعامل مع امين مال صاحب شهادة في المحاسبة أو على الأقل قادر على اثبات كفاءته في انجاز اعمال المحاسبة والجباية  والشؤون الاجتماعية التي يشترطها القانون.
وأخيرا فان هذا القانون الذي يفترض إن يضمن حرية التنظم ينص في الفصل 15 منه على ان المؤسسين والموظفين والأعضاء ليسوا مسؤولين بصفاتهم الشخصية عن الالتزامات القانونية للجمعية وان الدائنين الذين تعاملوا مع الجمعية لا يمكنهم مطالبة الاشخاص المذكورين بدفع الديون من أموالهم الخاصة .وإذا لاحظنا أن بلدانا أخرى تطبق هذا المبدأ فسيظهر لنا خطر هذا الفصل لأنه لا يدفع أعضاء الجمعية الى العمل الجدّي بل يوفر لهم حصانة تتعارض مع  المسؤولية التي ينبغي ان يتحملوها قانونا ، كما انه لا يشجع الاطراف المتعاملة مع الجمعية وخاصة المزودين ومقدمي الخدمات على التعامل معها خوفا من عدم ايفائها بتعهداتها  ويمكن ان نطبق نفس القاعدة بالنسبة الى نظام تطبيق العقوبات على الجمعيات الذي ينقصه الردع اللازم الذي يدفع الجمعيات الى احترام التزاماتها القانونية.
من هذه الزاوية المهم ان نذكر أن التشريع الاسباني الذي يعتبر بدوره أن الجمعية هي المسؤولة الوحيدة عن ديونها والتزاماتها يرى انه من واجب الاعضاء الوفاء بهذه الالتزامات في صورة اثبات الدائنين لسوء تصرّف هؤلاء في مال الجمعية.


القسم 2. أمثلة
أنتجت الحرية الممنوحة للجمعيات لصياغة أنظمتها الأساسية بنفسها، إلى جانب غياب إجراءات رقابية صارمة عند التأسيس عدة انزلاقات نذكر منها ما يلي:
- إنشاء جمعيات بدون أهداف معلنة أو لا تحتوي أنظمتها الأساسية على المعلومات الإلزامية النشر أو ورود أنشطة يمكن أن يخفي الطابع "العام" لصياغتها نوايا أخرى، ونذكر هنا أمثلة منها:  "النهوض بالطبقة الفقيرة لتكون قادرة على الإنتاج والاستثمار" أو "تعزيز قدرات الفئات المعوزة من أجل تحقيق الكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية بالتعاون مع شركاء التنمية [33]".
- إنشاء جمعيات يمتد مجال تدخلها لقطاعات هي في صميم تدخل الدولة. من ذلك جمعية الحد من مخاطر الكوارث لمدينة المنستير "ARRC" التي تعلن كهدف لها "منع والحد من مخاطر الكوارث من خلال تنفيذ خطط تدخلات مناسبة لجميع السيناريوهات "، و "إنشاء استراتيجية شاملة لحماية المدينة ضد مخاطر الكوارث ".
- إنشاء جمعيات يكون موضوع نشاطها متعلقا بمجالات تقتضي اكتساء أشكال قانونية أخرى. هذا هو حال جمعية فردوس تستور التي تهدف إلى "تشكيل العقيدة السليمة لدى الأطفال وتقديم الدروس والقيم الإسلامية والمثل العليا والمهارات المناسبة وصفات السلوك البناء و المهارات اليدوية والأغاني والقصص والدراما و السياحة والسفر. غرس العادات الجيدة في ذهن الطفل (مثل الانضباط واحترام الآخرين، وحب الخير والنظافة و العمل على خلق فرص عمل للعاطلين عن العمل ".
- إنشاء جمعيات هدفها ذو صبغة سياسية وبعد دولي. هذا هو الحال في جمعية ما يسمى بـ "المركز التونسي لشؤون الأسرى الفلسطينين"، و التي تهدف "للعمل من أجل إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين والعرب في السجون الإسرائيلية و تدافع عن قضاياهم وتدعم أسرهم."
لم تقف الانتهاكات في هذا الحد، بل أوشكت في عديد الأحيان من المساس بالأمن القومي وهو ما عد أكثر خطورة. هذا هو حال الجمعيات التي وجهت اليها اتهامات بتمويل الإرهاب أو تجنيد الجهاديين. فـ" استهدف مجندين في الجمعيات التي أنشئت حديثا شبابا يائسا على استعداد للموت، إما عن طريق الحرق حيا أو عبرالقوارب للوصول ربما إيطاليا أو الإنهاء طعما للسمك قبالة للبحر الأبيض المتوسط. نضيف إلى هذا المال الخليجي الذي اخترق العشرات من الجمعيات الخيرية التي ظهرت بعد جانفي 2011.'[34]
الفصل السادس: حوكمة الجمعيات الخيرية: توصيات الجمعية التونسية للحوكمة من أجل تحسين الإطار القانوني والتسييري
القسم 1. التنظيم القانوني و المراقبة العمومية
-         ارساء عقلية عامة تحترم القانون يكون بمقتضاها كل متدخل في مسار التصرف والمراقبة منضبطا للتنظيم ومطبقا لمقتضياته في إبّانها
-         إحكام التصرف المالي للجمعيات عن طريق تعيين امين مال ورئيس و او نائب رئيس  يحترم بعض الشكليات في مستوى إعلام السلط المختصّة ومدّة الدورة وتجديدها.
-         تنظيم الحياة القانونية عبر اجبارية التشاور مع الاعضاء بصفة دورية  وعلى هذا الاساس فانه من المهم ان تضبط القوانين الاساسية اجراءات الاستدعاء وتحديد النّصاب واحترام بعض من الشكليات عند انعقاد هذه الجلسات كما هو معمول به في أنظمة الشركات
-         ويمكن ان يدعى اعضاء الجمعية في وقت ما الى تغيير قوانين جمعيتهم ، ولكن هذه التعديلات ينبغي ان تكون خاضعة لبعض الاجراءات الشكلية ويجب ان يتم الابلاغ عنها كما هو الامر في انظمة الشركات
-         .تدعيم المراقبة التي تقوم بها الدولة في مستوى التمويل الخارجي ضمانا لحدّ ادنى من التتبع  وتحديد مصادر تمويل ميزانيات الجمعيات.

القسم 2. تأطير الجمعيات وتدعيمها
-         إعادة النظر في دور "IFEDA" وتدخلاتها فعلى هذا الهيكل أن يتأقلم مع الحاجيات الحقيقية للجمعيات من خلال تقديم تكوين هادف(قانون ،مراقبة حسابات).
-         أحداث لا مركزية في مصالح" IFEDA"وتكوين مكاتب جهوية قصد دفع إنشاء الجمعيات داخل البلاد وجعلها تستفيد  بنفس الدعم و التاطير اللذيْن تنتفع بهما نظيراتها الموجودة بالعاصمة.
-         إنشاء مرصد للجمعيات التونسية يكون بمثابة بنك معطيات وبيانات شاملة ومُحيّنة (يكون شبيها بالسّجلّ التجاري للشركات) كما يلعب دور الإسناد والتاطير للجمعيات ويسهم من خلال الدراسات التي ينجزها في تحديد المواضع التي ينبغي تحسينها في المستويين القانوني و المحاسبي.
القسم 3. التنظيم الداخلي و الرّقابة
-         على الجمعيات العمل على وضع إجراءات تضمن الشفافية وأعمال المراقبة الدقيقة بحسب نوعية الجمعيات (جمعيات صغرى لا تعمل الا بنظام التطوع، جمعيات تشغل إجراء، الشبكات الجمعياتيّة...).
-         إن النظام الداخلي الذي ينبغي وضعه إنما يأتي ليكمل القوانين الأساسية من خلال وضع قواعد تصرّف وضبط المهامّ داخل الجمعية وتجنب كل تداخلات من شانها ان تسيء الى الشفافية في التسيير.
-         القسم 4. ضبط إطار محاسبي و جبائي ملائم
-         ان التسريع في نشر المواصفات المحاسبية الخاصة بالجمعيات من شانه ان يسمح لها بضمان بعض من المقارنة في الزمان و المكان ،كما يجب التفكير في ضبط نظام محاسبي مبسّط يتناسب مع خصوصيات الجمعيات الصغرى.
-         إعادة النظر في الإطار الجبائي و الاجتماعي الجمعياتي وجعله أكثر إثارة للاهتمام وذلك عبر:
ü    الترفيع في سقف نسبة الخصم على الهبات والتبرعات التي تتمّ لفائدة الجمعيات وذلك بالنسبة إلى الأشخاص المادّيين والمعنويين.
ü     إرساء نظام جبائي مبسّط وإعفاء الجمعيات من بعض الاداءات والرسوم مثل الأداء على القيمة المضافة ومن إجراء الخصم من الأصل.
ü     وضع آليات تشجيع على الانتداب بالنسبة الى الجمعيات وخاصة من خلال إعفائها من دفع معاليم الضرائب الاجتماعية التي يطالَب بها الأعراف.



[1] أنيس الوهابي, « دليل التصرف الإداري والمالي في الجمعيات », منشورات أبواب 2014, ص.12.

[2] -Geremek B La potence ou la pitié Paris Gallimard
[3] Fraisse, L., Kendall, J. (2006), Le statut de l’association européenne : Pourquoi tant d’indifférence à l’égard d’un symbole d’une politique européenne des associations ? RECMA Revue internationale de l’économie sociale, 300 : 45-61.
[4] Archambault E. (2001). Y a-t-il un modèle européen de secteur sans but lucratif ? , RECMA Revue internationale de l’économie sociale, 282 : 64-83.
[5] Gérome, F (2010). Charities » et association : une étude comparative France – Royaume-Uni du comportement des donateurs et des stratégies de collecte, RECMA Revue internationale de l'économie sociale : 318 :39-57.
[6] تقرير موجود على : http://ccss.jhu.edu/?page_id=61&did=393
[7] Archambault, E. (2006). Y’a-t-il un modèle européen du secteur sans but lucratif ? XVIème Colloque de l’ADDES (Association pour le Développement de la Documentation sur l’Economie Sociale).
[8] -لمزيد التفاصيل حول هذا القانون انظر http://www.legifrance.gouv.fr/affichTexte.do?cidTexte=LEGITEXT000006069570

[9] Habib Bélaid, »Le mouvement associatif en Tunisie à l’époque coloniale :quelques réflexions ,Colloque Le mouvement associatif au Maghreb ;Oran ;Les Cahiers du CRASC  N°5 98 2002 ,

 [10] لمزيد التفصيل حول هذه القوانين انظر :Habib Bélaid….(مرجع سبق ذكره)

[11]  انظر الفصل 7 من دستور 1 جوان 1957 الذي ترك للسلطة التنفيذية هامشا واسعا من الحرّية في مجال الحقوق والحريات ، وهو ما أدّى الى الخرق الممنهج لها .ويرجع هذا الخرق التشريعي للحقوق و الحريات بصفة أساسية الى غياب آليّة تشريعيّة حقيقية تضمن علويّة الدستور ،ذلك انّ المجلس الدستوري لم يكن سوى هيكل استشاريّ.

 [12]  خاصّة الفصل 22 من الميثاق العالمي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية الذي يضمن  حرّيّة التّنظّم .
[13] القانون عدد 59-154 بتاريخ 7 نوفمبر 1959  الفصل 4 الرّائد الرسمي  للجمهوريّة التونسيّة  عدد 63 ، 22 ديسمبر 1959.
[14]  نفس المرجع السابق
[15]  المرجع نفسه، الفصلان 16 و 17.
[16]  يتعلق الأمر بالقوانين الأساسية عدد 88-90 بتاريخ 2 أوت 1988 و92-25 بتاريخ 2 أفريل 1992 وقد تمّ التخفيض في مدة الانتظار  إلى  ثلاثة اشهر يمكن في صورة انقضائها اعتبار إنشاء الجمعية حاصلا .ومن جهة أخرى فإنّ قانون 88-90 قد ادخل إمكانية الاعتراض على عدم منح التأشيرة .كما أنّ قرار الرفض ينبغي "أن يكون معللا  ويتم إعلام المعنيين بالأمر به"

[17]  0020قانون عدد59-154 بتاريخ 7 نوفمبر1959 الفصل 29
[18] كانت العقوبات أثقل بالنسبة الى "الذين يتحملون او يولصلون تحمل إدارة جمعيات أجنبية "نفس المرجع ، الفصل22.

[19]  قانون عدد92-25 بتاريخ 2افريل1992
[20] هذا الاجراء الذي الح المجتمع المدني في المطالبة به جاء كذلك مستجيبا للوضع الجديد المعقد نسبيا الذي عمدت خلاله اغلب الجمعيات التي نشات بعد 14 جانفي الى ممارسة نشاطها دون انتظار اجل ثلاثة اشهر  واجراء النشر بالراذد الرسمي .وبحكم عدم وجودها لا رسميا ولا قانونيا  فقد ادى ذلك الى تعطيل نشاطها تعطيلا كبيرا .

[21] في هذه الحالة يعد عدم رجوع الاعلام بالوصول في ظرف ثلاثين يوما لاحقة بتاريخ الارسال المضمون لملف تكوين الجمعية حجّة على استلام المطلب.

[22] الفصل 43 من مرسوم 2011-88 المؤرخ في 24 سبتمبر2011.

[23] الفصل الاول من  الامر 2013-5183 بتاريخ 18 نوفمبر2013 الضابط  لمعايير اسناد التمويل العمومي للجمعيات واجراءاته وشروطه .

[24] الفصل3 من الامر 2013-5183 بتاريخ18 نوفمبر2013 المتعلق بضبط معايير اسناد التمويل العمومي للجمعيات وإجراءاته
[25] -الفصل 39 من المرسوم 2011-88 ينص على ان على الجمعيات ان تنخرط في النظام المحاسبي للمؤسسات.

[26] الفصل 43 ،ثامنا من المرسوم 2011-88.

[27] - بلاغ صحفي اصدرته هيئة الخبراء المحاسبين بالبلد التونسية في سبتمبر 2013.

[28] الفصل 42(ثامنا) من مرسوم2011-88

[29] -Fadhila GARGOURI Journées nationales Salem Rjeb d transparence et d’integritée 5et6 décembre 2014

[30] الفصل 11 من المرسوم 88-2011.
[31] الفصل 8 ،الفقرة الثانية من المرسوم  2011-88.

[32] الفصل 17 من المرسوم 2011-88.

[33]إعلان وارد  بالرائد الرسمي عدد 144 المؤرخ في 1 ديسمبر 2012 والمتعلق بجمعية قطر الخيرية.

[34] Le basculement des jeunes Tunisiens vers le djihad : une réponse au désespoir !, Journal électronique Nawat, 26 juin 2014.